عدن ترحب بعودة محافظها
كتب/ علي عبد الله البجيري //
عانت عدن ولا تزال من الإهمال والاستهداف الكثير، اكان قصداً أو بغير قصد، وكانت نتائج ذلك الإهمال والاستهداف هو المساس بتاريخها الوطني وبمكانتها الاقتصادية، وبما لها من سمعة، ومكانة تجارية ومكانة مالية لفترة ما قبل الاستقلال في عام 1967م.
فمنذ الاستقلال وعلى مدار العقود الماضية شهدت مدينة عدن عدد من التجارب الفاشلة، بعض منها انطوت على حقد متعمد، هدفه تحويلها إلى مستوى المدن العشوائية المتخلفة. فقد مورست بحقها سياسة ممنهجة حولت المدينة المزدهرة ذات العمران الحضاري إلى قرى عشوائية متناثرة، تعمها الفوضى المصطنعة المدعومة من قوى سياسية وقبيلة حاقدة ومتخلفة.
خلال تلك العهود حتى اليوم تداول على عدن 22 محافظ آخرهم أحمد حامد لملس، منهم من ترك الأثر والذكر الطيب وصنع ما سمحت له الظروف من إنجازات للمدينة، ومنهم من لم يقدم لها أي شيء يذكر، كونه جاء مع رياح السياسة، وغزو المدينة عام 1994م والإلتزام لمنهج حزبه أو قبيلته.
وفي الواقع هناك الكثير ممن أتت بهم السياسة والمصالح، ذهبوا كما جائوا دون أن يبقى لهم أثر في تاريخ مدينة عدن.
أما الذين عملوا بإخلاص وشرف فقد سجلوا اسماءهم بأحرف من ذهب على قمم جبل شمسان وقلعة صيرة، فهم لا يزالوا يعيشون في ذاكرة أبناء عدن واهاليها على مرِّ الزمن.
وفي هذا المقام نتذكر من رحلوا إلى جوار ربهم وتركوا أثر بالغ وسمعة طيبة، نترحم عليهم وندعوا الله عز وجل أن يسكنهم فسيح جناته.. عاشت معهم مدينة عدن زمن جميل، وأمن وأمان. حافظوا على تاريخ المدينة، والنظام والقانون ورقيها في كل المجالات دون المساس بأراضيها وسواحلها ومدارسها وروضات أطفالها وعدالة محاكمها ومستوى أمنها وثقافة وفن مجتمعها من مسارح ودور السينما ومستشفيات وعيادات في كل أحياء المدينة، وفنادق ومنتزهات راقية وتخطيط عمراني متحضر.
إن معاناة عدن وسكانها حلت مع أولئك الوافدين الذين لبسوا أقنعة مزيفة.
فالحرباء عندما تكون على اليابسة تتلون بلونها ولكن حال صعودها على الأشجار يكتسي جلدها بلون مغاير فأين ذاك اللون من هذا؟!
هذه الخلفية تقودنا إلى الحديث عن محافظ عدن الجديد أحمد حامد لملس.
فقد استبشر الناس به خيراً يرجى منه على مدينتهم، ورأوا في شخصيته المتواضعة رجل المرحلة لإنقاذ جوهرة من يد فحام، فحامين ينتمون إلى كيانات الفساد والإفساد ومافيا الاتجار بالمخدرات والسلاح والبشر.
غادر المحافظ أحمد لملس مدينة عدن بكل تأكيد لأسباب تعود بالنفع لمدينته المحروسة؟
وها نحن اليوم نرحب بعودته ظافراً إلى عروس البحر وفي جعبته الكثير مما يمكن تحقيقه.
عاد بعد أن أبحر بعيداً عن سواحل صيرة والساحل الذهبي والغدير.. فترة تركت الباب مفتوح للتساؤلات والأقاويل.
صحيح أن الأوضاع معقدة ومتطلبات مدينة عدن كثيرة، بسبب ما عانته من إهمال ونهب وتدمير.
فالفساد له دولته ومؤسساته ومخابراته.
عصابات الفساد لن يتركوك تخط مستقبل المدينة، بل سيحاربوك ان لم يحاولوا قتلك، وبالفعل فقد حاولوا ذلك أثناء تواجدك في مطار عدن والأعمار بيد الله.
فهم سيستخدموا كل الوسائل القذرة لايذائك .. لاتقلق .. سيحميك الله، وسيسندك أبناء عدن وأهاليها الطيبون. فمن يمتلك هذه السمعة الطيبة في زمن قياسي بسيط، فقد أحبه الناس بحب الله له، فلا تقلق ولا تتردد، وقل في كل خطوة توكلت على الله ، فالله خير حافظ.
عندما قبلت التحدي وعينت محافظاً للجوهرة عدن بعث إليك برسالتين، قلت فيهما:
الرسالة الأولى:
أتّبع الشفافية والمصداقية، باعتبارها تؤسس لعلاقة ثقة بين السلطات المحلية وأهالي مدينة عدن. وهي الآلية الوحيدة لمواجهة التحديات. فبقدر صعوبة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية إلا أن المواطن قادر على التحمل فيما إذا شعر إن قيادة المحافظة تشاطره هذا الهم، وتقوم بواجبها من أجل تحسين أوضاعه وإخراج المحافظة من آتون ألازمات.
الرسالة الثانية: إذا شعرت بأن صلاحياتك لا تتعدى بلدية عدن، فكن صادقاً مع أبناء مدينة عدن، وأعقد مؤتمراً صحفياً، تعلن فيه استقالتك، وتكشف كل الحقائق التي أعاقت مهمتك، هذا إن كان ليس لديك خيارات أخرى تعيد للعاصمة عدن مكانتها.
وهنا ستكسب احترام الناس وتبرئ ضميرك أمام الله أولاً وأمام أبناء عدن وشعب الجنوب ثانياً.
أدعو أبناء عدن بأن يثقوا بمحافظ مدينتهم أحمد حامد لملس، وبقدرته على تسيير دفة الأمور، متحدياً كل الصعاب، فالخيل لخياله، ولا يصلح إلا لمن يجتاز به المخاطر ويقبل التحدي، وما أكثر التحديات، في مواجهة مافيا الفساد والارهاب .
خلاصة القول: القوة الحقيقية، هي أن تكون في قمة صمودك عندما يعتقد كثيرون أنك سقطت “( تشي جيفارا).