“أفعى الظِّلّ”وقصص أخرى قصيرة جدّا.
بقلم: حسن سالمي
تجّار الأوجاع
توقّف انهمار الثّلج بعد أسبوع كامل من هطوله. وبالكاد نفذت أشعّة الشّمس الفاترة تمزّق ركام الغمام.. ومن كوخ حقير معزول خرجت امرأة إلى الغابة لا أنيس لها إلّا حمار أعرج …
“أيّها الكاتب قف.”
“كفاكم متاجرة بأوجاع الضّعفاء.”
“ثقوا بي، ما أنا إلّا مرآة”
أفعى الظّل
أحاطته بنظرات تقطر شبقا، فأطلقت عيناه نحوها كلاب صيد جائعة… إثر آهتها المثيرة، تبعها إلى غرفتها بالنّزل، تاركا حفل العشاء وضيوفه الكُثّر…
واقتربت يده من جنّتها السّاحرة…
وفي تلك اللّحظة التي يتحوّل فيها المرء إلى مجرّد طاقة مبهمة، شعر بشيء بارد ينغرس في عنقه، ويسمعها تهمس في قسوة وصرامة:
“والآن أعطني مفاتح شفرة الــــــــ…”
رجل مهمّ
توقّف أمام باب إلكترونيّ ودسّ بطاقة مغناطيسيّة في جيب هناك. ثم ألصق إبهامه بجهاز خاصّ ولبث ينتظر قليلا. وسرعان ما ارتفع أزيز خافت فانفتح الباب…
ألفاه في صدر الزّنزانة مهيبا رابط الجأش فشعر بالغيظ…
- (…)
- إذن ستزفّني الملائكة كشهيد.
- حياتك بيدك.
- والثّمن هي الخيانة؟
- لن يذكر التّاريخ هذا.
- هههههههههه…
- – (…)
- مشنقتكم ستمنحني حياة أطول.
بعيدا عن الوعي
حملته في غلظة إلى النّافذة وأطلّت به على حديقة القصر…
“اسكت. أسكت الله قلب أبيك.”
ويستمرّ في بكائه مقطّع الأنفاس…
“وما جزائي منك إلّا النّكران. أليس الولد نسخة من أبيه؟”
يتلوّن وجهه ألوانا ويزداد عياطا…
“ادّخر بكاءك هذا على أبيك. أقسم سأقتله يوما…”
يرتخي جسد الصّغير ويخرس صوته تماما. هنا فقط تنتبه إلى أنّها كانت تعتصره بين ذراعيها في قوّة، كما لو كان والده ماثلا بين ذراعيها…