لمليونيّة عدن
لمليونيّة عدن
…………………..
…………………..
احمد عبداللاه
لن يكون الحبر أكثر بلاغة من ما فاضت به الأحداق اليوم (٣٠ نوفمبر ) .. وهي تشاهد المنظر ألمهيب الأكثر نقاء ثوري في تاريخ الشعوب ، الأرجح وعي ، الأقوى تصميم ، الأشد سلميه والأرقى تعبير .
يوم جنوبي لم تصنعه فتاوى المرشدين ، ولم تحركه خطب السياسيين العصماء ، ولم يهندسه الإعلام المدجج بالامكانات اللامحدوده ، ولم تتبناه دول كبيرة أو صغيره ، ولم تباركه عقالات الشيوخ والأمراء ، ولم تستأثره زعامات أو جماعات ، ولم يمسّه المال السياسي بلعنة التزييف ، لم تدفعه قاذفات التهييج والتحفيز .. بل مليونية إغترفت ألقها من الجراح ، تلبس السلام والعشق والأمل ، ناضجة ، ممتلئه بالتوق للحريه ، عالية المضمون والنبرة ، تستدعي العالم إليها دون أن تذهب اليه ..
أليوم تتحرر الأحزان أولاً وتنضب روافد المعاناه وتتمزق ذاكرة الرماد .
مولد الجنوب في نوفمبر جديد يختلف عن كل ماضيه ، واضح الرؤيه ، لا سراب معلق أمامه ، ولا هتاف معلّب أو مستنسخ ، ولا مقولات صمّاء .
هي مليونية عدن وحدها التي تتهجَّى عناوين الشمس القادمه وتحفظ ذكريات البحر وطفولة التاريخ ، مليونية لا تهادن الخطى المنهزمة ، ولا تبيع طموحها لصالون (التكاتيك) المتسيسه ، لا تبارح أبراج كواكبها ملاحم الشهداء ودماء الفقراء ، تفرق بين العشب والنار وبين الصاعقة والمطر .
مليونية عدن ميلاد جديد لشعب يهوى الحياة والاستقرار وقيم الحضاره ، ليست منذورة لأهواء الحكم ولا حكم الأهواء .
هي تاريخ جديد ينسلخ عن أنقاضه دون تواطؤ أو تردد .
شعب يعلن في هذه الساعات رفضه النهائي لانتحال شخصه وتزوير انتمائه وأصبح أقوى شعوب الأرض بعد أن فتح خزائن قوّته وطرق بكفه المضرجه أبواب فضاء لا مساومة فيه .
لن يستطيع العالم بعد اليوم أن يغمض عينيه ولن تستطيع الفضائيات أن تُبقي على عورتها منكشفة أمام حقيقة أكثر وضوح من الضحى العاري في أفق متحرر ، لأنها إن فعلت فإنها تفصح عن شرفها المطعون ومهنتها المنتهَكه ، فإن رضت بذلك لنفسها فان الجنوب ، بغض النظر ، سيبقى مليونيّاً في توهجه وصخبه وزحفه .. حتى تستقر الأرض تحت أقدامه وينقشع الظلام ، دون أن يلتفت لما سيبثه الإعلام المتصحّر .
مليونية عدن اليوم تنهي آخر الرهان على تفكيك القضيه وتوزيعها ، وإدراجها في ملهاة الحوار
، ذلك المخلوق المشوَّه (يتلهّى بعكاز المندوب الأممي ) ، ولجنته الفنيه التي تروِّض المعضلات بجدوَلة نسب التمثيل وتدرك أنها تقدّم للمحاربين أطباقاً فاضيه وللتاريخ مهزلةً عقيمه .
مليونية عدن ميلاد للجنوب ، شعب يتقدم الى الساحات ويتموّج تحت الشمس كسيمفونية البقاء الناصع ، فالشعوب حين تعلن عن حضورها لن يغيِّبها فعل أمراء الحروب والغنائم ، أو تغيِّبها مزامير الحواه ولن تخفض من قامتها آراء المحللين الساسه او تدابير المكاتب الحزبيه ، والشعوب حين تنهض يتهاوى الظلم والظالمون ويبرز فنار العمق ليعلن عن قدوم سفينة الفجر الوليد .