الشمال بحاجة “للقاء مشترك اخر”
على مدى الخمسين عاماً الاخيرة ,كان شمال اليمن (الجمهورية العربية اليمنية),محكموم بتفاهمات واتفاقات بين قواه المختلفة وبتوافق نسبي ,لا تطغى فية قبيلة على اخرى ولا فئة او حزب على اخر..هذا التوافقات كانت ناتجة بالاساس على توازن هذه القوى سياسياً ومالياً واجتماعيا وهو ما انعكس بدروه على شكل النظام او الكيان الشمالي حينذاك حتى عام 90 ,عام تحقيق الوحدة مع الجنوب !!
منذ ذلك الحين سعت قبيلة حاشد للسيطرة على الجنوب , وتحقق لها ذلك في عام 94م.. بأجتياحة بالدبابات والمجاهدين واخضاعه قسرياً وعسكرياً لصالحها وصالح قوتها الفئوية على حساب القوى الاخرى في الشمال .
مثلت حرب 94مع الجنوب وما ترتب عليها من نتائج , نقطة التحول في مسار الاحداث في الشمال ..وبداية لأختلال مراكز القوى فيه التي كانت سائدة حينها ..لحساب حاشد وحلفائها ,نتيجة ما تم اكتسابه من سلاح وثروات واراضي في الجنوب رجحت كفة حاشد على القوى الاخرى.
استطاع الرئيس السابق علي عبدالله صالح بحنكتة الحفاظ على خيط رفيع من التوازنات في الشمال..رغم سيطرة حاشد على مجمل السلطات والثروات ..بحيث احتوى القوى الاخرى هناك بكثير من الترغيب واحياناً الترهيب واستخدام القوة.
مع مرور الوقت ,,دب الصراع في رأس قبيلة حاشد نفسها (النظام ممثل بعلي عبدالله صالح من جهة ,واولاد الشيخ الاحمر ومن ورائه “الاصلاحين “من جهة اخرى)..وبدأ الصراع يأخذ اشكال مختلفة تمثل في الضرب تحت الحزام واستعداد كل طرف لأسقاط الاخر والسعي اليه ..حتى انطلقت مايسمى “ثورة التغيير”..التي كانت فرصة ذهبية لجزء من حاشد المتمثل في اولاد الشيخ عبداللة وعلي حسن الاحمر ,,للانقضاض على “صالح “واعادة انتاج انفسهم من جديد وبقوالب حداثية ثورية شكلاً من خلالها ..في استغفال صارخ لعقول الشعب اليمني الذي تبددت احلامه بسيطرة هؤلاء على ثورته ..الذين حرفوا مسارها الى اتجاهات خاصة لمصالحهم الفئوية والقبيلة والحزبية ..بعد ان ابتدت شبابية تماهي ثورات الربيع العربي الساعية للحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية .
افرزت هذه الازمة (حسب المبادرة الخليجية.) واقع جديد ,تمثل في خروج صالح من الحكم والتوافق على مرحلة انتقالية يليها انتخابات حسب ما جاء في المبادرة .
هذا الواقع الجديد التي افرزته “الثورة “,تمثل في تقوية حاشد ومن ورائها “الاصلاح”مرة اخرى بعد ان زالت حجر العثرة التي كانت امامهم متمثلة في الرئيس صالح الذي تنحى بموجب المبادرة الخلجية ..ما اتاح للقبيلة وقواها المتخلفة من التمدد في مساحات لم تكن في متناول ايديهم ..والتغول في سعيها لإقصاء جميع فئات الشعب في الشمالي قتلاً واعتقالاً وتشريداً وارهاب ديني واجتماعي لكل من لم يخضع لسطوتها .
في خضم هذه المعطيات والافرازت لما تسمى ثورة التغيير,,لم يعد امام قوى الشمال الاخرى (المؤتمر الشعبي العام واحزاب التحالف الوطني والحوثين والقوى المدنية وقبائل بكيل )الا السعي وبسرعة الى انشاء لقاء مشترك يجمعها .ليعيد توازن القوى ..ويمنع ابتلاع حاشد ومن وراها الاصلاح على بقايا الدولة هناك .
هذا التحالف او اللقاء المشترك الشمالي ليس ترفاً ..بل حتمية ضرورية .من اجل البقاء لهذه القوى المهددة في وجودها واستمراريتها ومصالحها ومن ورائها مصالح الشعب في الشمال .
ولاينسى هذا اللقاء المشترك الجديد من الاصطفاف وتدعيم مؤسسة الحرس الجمهوري لأنها الضمانة الوحيدة والحصن المنيع المتبقية امام مليشيات الاصلاح والفرقة الاولى مدرع التي قتلت اليمنيين في حروب المناطق الوسطى والجنوب وصعدة وفي كل مكان.
اخيراً هناك بوادر تلوح في الافق بأتجاة انشاء هذا اللقاء المشترك الجديد..نتمنى لها ان تكلل بالنجاح