الشهيد قطن … إغتيال وطن
عرفته في وقت مبكر حينما كان ضابطاً في القوات المسلحة متنقلاً من موقع إلى آخر ، تأتيه المواقع القيادية بجدارة الضابط الملتزم المتمتع بالأخلاق العالية الذي عرف الانتماء للوطن وللشعب والمؤسسة العسكرية لا للانتماءات أو الولاءات الأخرى ..
عرفتُ سالم علي قطن شاهداً على النبوغ العسكري والتميز والنبل والشجاعة والتفوق حينما كنت رئيساً لمجلس الوزراء ووزيراً للدفاع في الجنوب ، واليوم أعرفه شهيداً أشعر بفداحة فقده كما لم أشعر بفقد آخر ، ففوق الخسارة الشخصية لرحيل صديق ورفيق وشخصية وطنية بامتياز فإن اغتيال الشهيد اللواء الركن علي سالم قطن يُشكل اغتيالاً رمزياً لكل قوى الخير والإخلاص والاعتدال وهي تحارب قوى الشر والعدوان والتطرف والإرهاب .
لقد اختار القتلة اللواء الركن سالم علي قطن بعناية شديدة فإغتياله رسالة ذات أبعاد عدة ليس أهمها أن الحرب على الإرهاب حرب محمومة ومخترقة ومتداخلة ولا أدل على ذلك من طريقة ومكان اغتياله أمام منزله بعيداً عن ساحة المعارك التي كان يقودها ، وليس أقلها أهمية هو أن سالم قطن كان رمزاً للحرب الجادة على الإرهاب ، وانه حقق – بحق- انتصارات مشهودة على القاعدة والتنظيمات المتطرفة التي زرعت في جنوبنا الحبيب .
وفيما لاتزال الشبهات تحوم حول كثيرين ممن ينتمون للنظام السابق إزاء علاقاتهم بجماعات التطرف والإرهاب وتغذيتهم وتهريبهم من السجون الحصينة يقدم اللواء الركن سالم قطن أنموذجاً مختلفاً للمدافع الحقيقي عن الوطن والمحارب الأصيل عن بؤرة التطرف والإرهاب التي كان الشهيد يدرك جيداً أنها مقحمة على الجنوب الذي عرفه وعاش في ربوعه وهو عنوان للسلام والانفتاح والتسامح في كل تاريخه .
لقد عبرت كل القوى الوطنية على اختلافها وخلافها عن شعورها بالفقدان الكبير لاغتيال الشهيد قطن في حالة إجماع على شخصيته وفي ذلك شهادة له ولتاريخه النضالي لا تقل شأناً عن الأوسمة والنياشين التي تقلدها تكريماً لجهوده وعطاءاته وإخلاصه وتفوقه .
تأتي أربعينية الشهيد اللواء الركن سالم علي قطن ولا تزال معركته ومعركة كل المخلصين ماثلة ترخي بسدولها وتنتظر استحقاقاتها التي راكمها النظام السابق ليثقل بها كاهل الوطن وهو يمضي به إلى الصوملة والأفغنة ، وإن أهم تكريم للواء الشهيد قطن وكافة الشهداء الذين سقطوا في معركة الحرب على الإرهاب وفي الحراك الجنوبي وفي صعدة وماحولها وفي ساحات التغيير والحرية منذ انطلاقة الثورة الشبابية هو في العمل الجاد على إنقاذ الوطن بنبذ التطرف بأنواعه ، وترك مساحات الخلاف والاختلاف والمقاطعة بحثاً عن نقاط الالتقاء والاجتماع والتقاطع ، وتظافر الجهود للدفع بعجلة التغيير لتمضي قدماً وتتحقق الأحلام المنشودة من أجل حاضرنا ومستقبل أبنائنا وأحفادنا ..
رحم الله شهيد الوطن سالم علي قطن وتقبله في أعلى عليين بين الشهداء والأولياء والصالحين في الفردوس الأعلى ، وألهم الله ذويه ومحبيه الصبر والسلوان .