عام من الحزن
في ذاكرة الرعب التي عاشته تعز على مدى أشهر طويلة يبرز هذا اليوم الأسود من قاع ذاكرتي حداً فاصلاً بين زمنيين وكأني عشت ألف عام من الوجع ، ألف عام من الحزن 11/11/2011م يوم لا ينسى. يوم لا يمر أبداً دون أن تنكأ جراحنا بالملح. يوم أن نمى جرح المدينة كصبار . مازلت أذكر صوت القصف المنطلق من ثكنة مستشفى الثورة ومن المعهد الصحي على ساحة الحرية لتصبح المدينة كلها ساحة رعب.. قصف لا يهدأ. جنون آخر لنظام جرب كل أدوات القتل ليخمد روح هذه المدينة .
كانت منصة ساحة الحرية تقصف و الأمام يخطب. وتفاحة أصرت أن تجلس في مكانها المخصص هيورفيقاتها. قبل أن تأتي سقطت قذيفة على فندق المجيدي.أخبرتها أن القذيفة سقطت قبل وقت قليل وأن المكان خطر كما يقول الشباب ..
قالت لي لن يحدث شيء.. تركتني و ذهبت إلى مكانها دقائق و سقطت القذيفة و أصيبت هي و الأخريات.. زينب و ياسمين ليتني منعتها . ليتني وقفت كجدار ومنعتها من الذهاب . لكن الموت كان يحلق..قريباً كنت أراه. لكني لم أدرك من هو الضحية .من هو الشهيد أو الشهيدة؟
أذكر ركضي إلى المصلى وكأني اركض إلى نهاية العالم ولا أتقدم خطوة، أذكر طعم الدمع وصراخ النساء والشباب ورائحة البارود والقنابل والوجع . أذكر صراخ الأمام ثم فجأة سكت صوته أمام وابل الرصاص المستمر . كان أخ الشهيدة ياسمين..يسألني.هل رأيت أختي وكان يبحث عنها كالمجنون .
ثم فجأة أعلنت المنصة أسماء الشهيدات .
وكان يجأر . يا لذلك الصوت الحزين.؟
يا لذلك الوجع الذي لا يموت؟
اتجهنا إلى مستشفى الروضة. واستمرت القذائف والرصاص على رؤوسنا نحن المختبئين في البدروم . استمر الجنون والهلع والبكاء ..
لم يتركونا حتى لنبكي على شهدائنا ونواسي جرحانا.. لم يتركوا لنا فرصة نلتقط أنفاسنا ونفكر بما يحدث حولنا لم يتركوا لنا فرصة لنصرخ. لنطلق استغاثتا إلى السماء لنرى ما خلفته القذائف والرصاص والكراهية . حقاً .. كان العالم صامتاً و نحن نموت