ماذا لو كان مانديلا حوثيا …وكان غاندي حميد الأحمر ؟!!
بينما كان الأتراك ينتخبون المشروع، كان الإصلاحيون يصفقون للحزب، وعندما انتخب التونسيون العلمانية راح الاشتراكيون يحتفون بالتنظيم..
إنها الذهنية العصبوية للإنسان اليمني، تلك التي حباه الله بها منذ الأزل فلم يزل يشعل معها الحرب بالحرب، ويدفن بها الموت فوق الموت. إنها العقلية العصبوية التي تخلى عنها كل العالم منذ عقود واستأثرها اليمني لنفسه، على طريقة تومي جاكسون و هو يصف حزب العمل الاشتراكي في وقته، تدوي هذه الأبيات في رأس كل الجهات المتصارعة اليوم :نحن القلة المُختارة
وملعون كل من دوننا
في الجحيم متسع لكم
أما الجنة، فلنا!
أتخيل الآن لو أن نيلسون مانديلا كان حوثيًا ، تخيلوا لو أن عبدالملك الحوثي كان هو من دخل السجن 28 عامًا بدلًا عن مانديلا كيف كان سيخرج منه! تخيلوا لو أن الحوثيين كانوا هم سود الجنوب الافريقي، بكل تلك المعاناة والنضال من أجل الانعتاق، تخيلوا !!
أما مانديلا فقد خرج من سجنه مبتسمًا، محتضنًا زوجته ويني أمام الشاشات لتكون أولى كلماته عن ” السلام والمصالحة” وإنهاء الكفاح المسلح. فبدل أن يفجر مقار الأحزاب الأخرى و بيوت الخصوم؛قاد الرجل الأحزاب باختلافاتها وثاراتها إلى الديموقراطية متعددة الثقافات وصنع منهم بفخر “أمة قوس القزح”، وبدل أن يصنع السود من أنفسهم ميليشيا صنعوا حزبًا و أمه كان شعارهم حينها “حياة أفضل للجميع”،لينتهى بمانديلا المطاف رئيسًا ينتخبه السود والبيض، لا رجلًا يلعنه الناس ليلًا نهارًا.
أتخيل في المقابل لو أن غاندي مثلًا كان إصلاحيًا، أتخيله لو لم يقرأ للروسي الخالد “تولستوي” الرجل الذي ” أنقذه من داء العنف” كما ذكر في مذكراته، ماذا لو قرر أن يستقى ثقافته من كتب سيد قطب، تخيلوا لو كانت كتب الزنداني هي من كونت وعيه، لا جون راسكن ولا هنري ثورو ولا حتى نشيده الطوباوي الحبيب، تخيلوا لو اعتنق “بابو “مذهب تكفير الخصم كما يفعل أصحابنا؛ من كان سيضع للهنود مبادئ الوئام الديني و تحريم النبذ؟ ماذا لو اتخذ المهاتما أسلوب التنكيل الرخيص بخصومه؟ من كان سيخرج ” الساتياغراها” للنور؛ مقاومة الأعداء بلا كراهية ومحاربة الظلم باللاعنف.
أتخيل لو كانت عقلية عبدالله بن حسين الأحمر القبلية الرجعية هي من سكنت جمجمة المهاتما؛ من كان سيقوم بحملات الفلاحين و العمال ضد الضرائب و التمييز في المعاملة؟.. ماذا لو كان غاندي حميد الأحمر؛ ها؟، تخيلوا لو أن غاندي هو من احتكر تجارة واستخراج النفط في بلاده، وليس هو من مشى على قدميه الهزيلتين عشرات الكيلومترات ليكسر احتكار الاحتلال البريطاني استخراج الملح من أرض الهند ! ماذا لو كان غاندي هو علي محسن الأحمر وبدلًا من أن يعلن أنه سيصوم حتى الموت إذا لم يتم الغاء نظام التمييز الانتخابي ضد المنبوذين الهنود؛ قاد ستة حروب ضد المنبوذين في الكهوف، وحربًا كافرة ضروس في الجنوب، ماذا لو لم يكن غاندي البسطاء وكان أحمر البسط ؟ هل كانت الهند ستكون الهند اليوم بكل هذه الطوائف و الأعراق المتعايشة بسلام لو لم يكن “بابو ” هو أبوها الأخلاقي و الروحي ؟
أيها اليمنيون تفحصوا قلوبكم وعقولكم وستجدوا أنفسكم نسخة بطريقة ما من كل هؤلاء الأشرار الذين يحملون الظغينة و يواجهون الآخر بمبدأ القلة المختارة والشر المضمر، تأكدوا أن الاستثناء هم من يغيرون العالم ويصنعون الأمم لا الطوائف، هؤلاء الاستثناء لايولدن من رحم العصبوية ولا يرضعون من ثدي التنكيل والتأليب ضد “الضد”. كونوا استثناء فقد سئمنا الكل !