أصل المشكلة في الجنوب وصعدة
النظر إلى المسألة الجنوبية بوصفها قضية مركزية تستحق وقفة جادة أمام شكل الدولة اليمنية القادمة، والتي ينبغي أن تتَّسع لمختلف الأقاليم والمكونات الجغرافية على قاعدة لا مركزية ناجزة. وهنا نقترح الدولة الاتحادية اليمنية بوصفها الدولة القادرة على تعظيم الأفضليات التنموية الإقليمية، وتوسيع المشاركة الناجزة، وتحقيق المواطنة القانونية العصرية، بوصفها رديفة الهُوية، وتمتين النظام والقانون على قاعدة العدل.
الحالة القائمة في الجنوب وصعدة نتيجة منطقية لأخطاء النظام السابق، وذلك منذ اعتماد النظام على نظرية المُكايدات السياسية للخصوم السياسيين، ابتداءً من الاغتيالات السياسية للقيادات الجنوبية إثر وحدة مايو 1990م، مروراً بمصادرة الجنوب لصالح حفنة من المتنفذين الجهلة، وحتى الدعم المزدوج للسلفيين الجهاديين من جهة، والحوثيين من جهة اخرى على خط صعدة. وأخيراً.. اعتماد سياسة تقويض الجيش النظامي، انتصاراً للحرس الجمهوري، واستبعاداً إجرائياً للمؤسسة العسكرية التاريخية، مما ظهر جلياً أثناء جولات الحرب في صعدة مع الحوثيين. وهنا نود الإشارة إلى أن مشكلتي الجنوب وصعدة يمكن حلهما عن طريق الحوار والاعتماد التام على المؤسسات والمرجعيات الأهلية المحلية في المنطقة، بما في ذلك توضيح وتفسير الحالة غير الطبيعية المرتبطة بنوع من المطالب المجافية لتاريخ الجنوب الوطني، وحرصه الدائم على اعتبار أن الوحدة اليمنية قضية مركزية في معادلة الفعل السياسي، بل والمبادرة في تبني أسمى درجات الوحدة الاندماجية المقرونة بالتعددية السياسية، وبكل حسن نية وشرف انتمائي للوطن الكبير، غير أن كل ذلك جوبه بالغدر والقتل والمصادرات المتتالية، مما لا نستطيع حصر آثارها الفادحة في هذه العجالة.
وبالمقابل انبرت الأيديولوجيا الدينية المُفارقة لحقيقة الزيدية التاريخية في صعدة .. وفي تقديري أن مبدأ الحوار يظل صالحاً أيضاً، فتشجيع هذا المنحى سيؤدي إلى طمأنة سكان صعدة، وإصلاح خرائب الحرب، بإعادة إعمار النفوس قبل المنازل، وذلك استحقاق لا مفر منه يذكرنا بذات الاستحقاق في المحافظات الجنوبية التي تضررت من سياسة التهميش والاقصاء.. ونعتقد جازمين أن حل هذه المشاكل سيمهد الطريق للحوار الوطني المتوافق مع مرئيات المبادرة الخليجية.
Omaraziz105@gmail.com