صحيفة بريطانية تسلط الضوء على معارك أبين..تصعيد عسكري يهدّد مسار تنفيذ اتفاق الرياض في خطواته الأخيرة…..
متابعات:
أطلقت المعارك التي اندلعت، الجمعة في محافظة أبين بجنوب اليمن بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات التابعة للحكومة “الشرعية” اليمنية، وكانت الأعنف من نوعها منذ فك اشتباك الطرفين قبل نحو ستة أشهر، إنذارا جديا بحجم العقبات التي تواجه تنفيذ اتفاق الريّاض في مراحله الأخيرة بعد أن دخل الطرفان في مناقشة تفاصيل تشكيل حكومة المناصفة بين الشمال والجنوب.
ولا تقتصر التبعات المحتملة لتجدّد الاشتباك العسكري بين المجلس الانتقالي والسلطة المعترف بها دوليا بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي على الجهود التي تقودها السعودية بشكل أساسي لتهدئة الأوضاع في جنوب اليمن، ولكنّها تطال جهود إرساء السلام في البلد ككلّ بعد أنّ تحدّثت مصادر دبلوماسية “عن وجود تحرك سعودي على أكثر من واجهة يمنية ودولية من أجل تسريع الحل السلمي، وهو تحرك على واجهتين؛ الأولى تخص ترتيب البيت الداخلي للحكومة اليمنية وحلفائها، والثانية تتعلق بتسريع المفاوضات باتجاه التوقيع على الإعلان المشترك بين الحكومة اليمنية والمتمرّدين الحوثيين، برعاية أممية ودولية”.
وتركّزت معارك الجمعة في محوري الشيخ سالم والطَرية شرقي مديرية زنجبار مركز محافظة أبين.
ونُقل عن مصادر عسكرية قولها إنّ المعارك التي استخدمت فيها الدبابات والمدفعية أسفرت عن مقتل وجرح أكثر من ثلاثين فردا من قوات الطرفين بينهما على الأقل ضابطان أحدهما من القوات الحكومية والثاني من قوات الانتقالي.
وتعكس هذه المعارك مدى اتّساع الهوّة بين المجلس الانتقالي الذي يطالب باستعادة دولة جنوب اليمن وسلطة هادي التي تعلن نفسها سلطة شرعية في كافة أنحاء البلاد على الرغم من سيطرة الحوثيين على أجزاء واسعة منها.
وما يعمّق هوة الخلاف عدم تجانس الشرعية في تركيبتها الداخلية التي يشارك في تشكيلها الإخوان المسلمون الممثلون بحزب التجمع اليمني للإصلاح.
ويُتّهم هؤلاء بالعمل لحساب جماعتهم وللأطراف الإقليمية الداعمة لهم وتحديدا تركيا وقطر اللتين تقول مصادر يمنية إنّهما توعزان للقيادات الإخوانية ضمن الشرعية اليمنية بعرقلة تشكيل حكومة الشراكة، لأجل منع السعودية من استكمال تنفيذ اتّفاق الرياض وفرض الهدوء في جنوب اليمن.
ومع تجدّد المناوشات في أبين خلال الفترة الأخيرة، أوفدت السعودية لجنة عسكرية إلى المحافظة الواقعة شرقي عدن في محاولة لاحتواء التوتر الذي شهدته جبهتا الطرية والشيخ سالم مطلع هذا الأسبوع وأسفر عن سقوط قتلى وجرحى في ظل اتهامات متبادلة بين القوات الحكومة وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي عن الطرف المسؤول عن تجدد الاشتباكات.
وانقسمت اللجنة التي قدمت من العاصمة المؤقتة عدن إلى فريقين وباشرت بزيارة خطوط التماس والاجتماع بقيادات عسكرية تابعة للحكومة والمجلس الانتقالي في مسعى للتهدئة وإعادة تفعيل اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين.
وتزامن التصعيد العسكري في أبين مع وضع اللمسات الأخيرة على الحكومة الجديدة المشكلة بناء على اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي، ما اعتبره مراقبون محاولة من قبل تيار قطر في الحكومة الشرعية لإفشال التقدم في تسريع تنفيذ اتفاق الرياض.
وفي تطور لافت تحدثت وسائل إعلام مقربة من المجلس الانتقالي عن إبلاغ قيادة المجلس المتواجدة في الرياض الحكومة السعودية، اعتزامها الانسحاب من مشاورات تشكيل الحكومة ومغادرة العاصمة السعودية، احتجاجا على ما تصفه تعنت الشرعية والعمل على التصعيد العسكري، إضافة إلى التأخر في إعلان حكومة المناصفة بين الشمال والجنوب.
ويقول متابعون للشأن اليمني إنّ جهود التهدئة في الجنوب التي تبذلها السعودية هي جزء من جهود أشمل لإنهاء الحرب وبسط السلام في اليمن ككل، بدأ المجتمع الدولي والأمم المتحدة في العمل عليها بجدية وطموح يعكسهما محتوى “الإعلان المشترك” الذي عرضه المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث مؤخرا على أفرقاء الصراع اليمني كمسوّدة لمشروع حل شامل للصّراع.
وبحسب مراقبين، تتزايد المؤشرات على رغبة التحالف العربي في تحقيق اختراق في ملف الحرب اليمنية قبيل انتهاء العام الجاري، من خلال تهيئة الأرضية المناسبة لإغلاق ملف الحرب والخروج من مربع الصراع المستمر منذ ست سنوات.
وتسعى السعودية، التي تقود التحالف العربي في اليمن، إلى تحضير المكونات والقوى اليمنية المناهضة للانقلاب الحوثي لمواجهة التحولات المرتقبة في المرحلة القادمة، من خلال تمتين جبهة الشرعية المتصدعة عبر آلية لتسريع تنفيذ اتفاق الرياض المبرم بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي في نوفمبر 2019 والدفع نحو إعلان الحكومة الجديدة برئاسة معين عبدالملك.
وتبدي الأمم المتحدة والدول الفاعلة في الملف اليمني اهتماما متزايدا بتنفيذ اتفاق الرياض بين الفرقاء في معسكر الشرعية باعتباره أحد أهم أركان الرؤية الإقليمية والدولية لإنهاء الصراع في اليمن إلى جانب اتفاق السويد بين الحكومة والحوثيين، و الإعلان المشترك الذي يتضمن خطة شاملة لوقف إطلاق النار في اليمن والدخول في مسار الحل النهائي والترتيبات السياسية والمرحلة الانتقالية.
وشهدت الأيام القليلة الماضية نشاطا ملحوظا في سياق الاهتمام الدولي بالأزمة اليمنية التي تؤكد المؤشرات أنها باتت تمر بالمرحلة الأخيرة من مسارها العسكري، قبيل الانخراط في مرحلة جديدة من المفاوضات بين القوى الإقليمية الداعمة للفرقاء المحليين.
واعتبر مراقبون سياسيون أن الزيارة التي أداها المبعوث الأميركي الخاص لإيران إليوت إبرامز، الأسبوع الجاري إلى الرياض ولقاءه بنائب وزير الدفاع السعودي، المسؤول عن الملف اليمني الأمير خالد بن سلمان، بحضور السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، مؤشر على ارتباط هذا اللقاء بتداعيات الملف اليمني وآفاق حله.
ولا يخفي مسؤولون في التحالف العربي إحباطهم من أداء الحكومة اليمنية، وتغول قيادات موالية للدوحة تعمل على إرباك التحالف، وإفشال تنفيذ اتفاق الرياض، إضافة إلى قائمة الملاحظات التي يحتفظ بها التحالف لفشل الشرعية في تحقيق أي إنجاز عسكري أو سياسي في مواجهة الحوثيين بالرغم من الدعم السياسي والدبلوماسي والعسكري والمالي الذي تلقته من التحالف خلال السنوات الست الماضية.