نتمنى أن يصدقوا هذه المرة
تب: د. عيدروس النقيب
سنتجاهل قول البعض إن الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة ، وسننطلق كالعادة من حسن النية بأن ما أعلن عنه من توافق على الشروع نحو تنفيذ اتفاق الرياض من خلال التزامن بين تنفيذ الشق الأمني والعسكري وإعلان تشكيل الحكومة المناصفة سيمضي بلا تلاعبات، وسنفترض أن الإخوان سيصدقون هذه المرة بعد سنة من المماطلات والتسويفات وافتعال الحجج، والاتكاء على فزورة البيضة والدجاجة رغم التنازلات الكبيرة التي قدمها الجنوبيون في سبيل الوصول إلى هذه اللحظة
بموافقة الأخ اللواء عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ووفد المجلس على تزامن تنفيذ الشقين (الأمني والسياسي) معًاً يكون قد فوت على المتلاعبين والمماطلين فرصة، لن يستطيعوا بعدها العثور على حجة جديدة إلا إذا ما لجأوا كالعادة، إلى الخداع والكذب والمغالطة ومحاولة تفسير الماء بغير الماء، كما تقول بعض الأنباء الواردة من مدينة شقرة بأبين
ضمانات الأشقاء في المملكة والإمارات هي ما جعل وفد الانتقالي يثق في إمكانية التنفيذ، رغم أن المنطق يقول إنه لا يمكن أن يشرف على الملف الأمني والعسكري، قيادة اعترفت بالتزوير ولديها سبعين بالمائة من جيشها أسماء وهمية، وهي نفسها من سلمت ثلاث محافظات للحوثيين بعد توقيع اتفاق الرياض (أعني محافظات الجوف ومأرب والبيضا) وتعتبر اجتياحها لمحافظة شبوة وممارسة القتل اليومي للناشطين المدنيين هناك، ووصول قواتها إلى شقرة مكاسب وطنية ليس لديها سواها ما تتباهى به
لندع هذا جانباً ونتساءل:
هل هذا هو فقط ما تضمنه اتفاق الرياض؟
هل سيبقى على رأس المؤسسة العسكرية والأمنية، أولائك الخائبون الذين لم يقدموا للبلد إلا الفشل والإخفاق وشراء العقارات خارج البلد وتسليم أسلحة التحالف للحوثيين؟
هل سيرى سكان عدن والجنوب الكهرباء نصف ساعات (ولا أقول كل ساعات) اليوم بدون انقطاع؟
هل سنرى خدمة طبية ولو بمستوى الربع عما كانت عليه عام 1990م؟
هل سيعود التعليم والتعليم العالي إلى ما كان عليه، قبل انتقال د. يحيى الشعيبي من محافظة عدن وقبل انتقال د. صالح باصرة من جامعة عدن ؟
سنعتبر أنفسنا مبالغين في التفاؤل إذا ما طلبنا هذا خلال شهر أو شهرين، رغم إمكانية ذلك إذا ما توفرت النوايا الصادقة، لكننا وهذا ما يقوله مواطنو عدن، سنمنح حكومة المناصفة، أكثر من شهرين للوصول إلى هذه الغاية، لكن بشرط أن نرى مؤشرات فعلية وخطوات عملية تتضافر مع جهود محافظ عدن أحمد لملس، بلا مزايدة ولا خداع
وأخيرا يتساءل المواطنون في الشمال قبل الجنوب:
هل ستبقى المؤسسة الرئاسية معصومة من أي مساس، وهي المطبخ الجهنمي الذي تصنع فيه كل الدسائس والألاعيب وحبكات الوقيعة وألعاب الخداع والمغالطات؟
لنكن صريحين مع الشركاء المحليين، والرعاة الإقليميين والدوليين: إن هيمنة الإخوان الإصلاحيين على مؤسسة الرئاسة يجعلهم في غنى حتى عن وزير أو نائب وزير في حكومة المناصفة، أما وهم سينالون ربع أو ثلث المقاعد الوزارية وفوقها ذلك الجيش الجرار من الدولة العميقة من النواب والوكلاء ومدراء العموم، غير السفراء والقناصلة والملحقين المتعددين، مع بقاء هيمنتهم على مؤسسة الرئاسة، فذلك لا يعني سوى بقاء الهيمنة الإخوانية على كل مفاصل الدولة، (المفترضة) والتحكم بالقرار السياسي أولا وبالتنفيذ المهجن ثانيا، وبالمجمل لا يعني سوى ترحيل الأزمة وبقاء الصواعق، مفصولة إلى حين، لكن توصيلها عند ما يحتاجونه أمر أسهل من غمضة العين
ومع الابتهاج بتصريح قيادات مؤتمرية تحدثت عن توديع القنال إلى الأبد، لكننا ننتظر موقفاً فعلياً للمؤتمرات الشعبية العامة، لا يكتفي بأكل الثوم بأفواه الآخرين، بل يدين الغزو والاجتياح وتنشيط الخلايا، ويحفظ كرامة وأرواح الجنوبيين والشماليين في أبين وشبوة ووادي حضرموت كما في تعز وغيرها حيثما يهيمن وكلاء الله على الأرض
مسؤولية نجاح التسوية ليست على المتواجهين الضحايا في شقرة والشيخ سالم بل إنها على جميع الأشقاء والأصدقاء وبدرجة أولى على الشركاء المحليين
((وتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا))